الرسالة الخامسة عشرة: وأرسل إليه صاحب اليمن:
بسم الله الرحمن الرحيم
من إسماعيل الجراعي إلى من وفقه الله: محمد بن عبد الوهاب، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
أما بعد، بلغني على ألسن الناس عنك، ممن أصدق علمه وما لا أصدق؛ والناس اقتسموا فيكم بين قادح ومادح. فالذي سرني عنك: الإقامة على الشريعة في آخر هذا الزمان، وفي غربة الإسلام، أنك تدعو به، وتقوم أركانه. فوالله الذي لا إله غيره، مع ما نحن فيه عند قومنا، ما نقدر على ما تقدر عليه من بيان الحق والإعلان بالدعوة.
وأما قول من لا أصدق: أنك تكفّر بالعموم، ولا تبغي الصالحين، ولا تعمل بكتب المتأخرين. فأنت أخبرني واصدقني بما أنت عليه، وما تدعو الناس إليه، ليستقر عندنا خبرك ومحبتك.
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب، إلى إسماعيل الجراعي، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
أما بعد، فما تسأل عنه، فنحمد الله الذي لا إله غيره، ولا رب لنا سواه، فلنا أسوة، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين. وأما ما جرى لهم مع قومهم، وما جرى لقومهم معهم، فهم قدوة وأسوة لمن اتبعهم.
فما تسأل عنه من الاستقامة على الإسلام، فالفضل لله، وقال رسول الله ﷺ: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ» ١.
وأما القول: إنا نكفّر بالعموم، فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين؛ ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! وأما الصالحون، فهم على صلاحهم، ﵃، ولكن نقول: ليس لهم شيء من الدعوة، قال الله: ﴿وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أحَدًا﴾ ٢.
وأما المتأخرون، رحمهم الله، فكتبهم عندنا، فنعمل بما وافق النص منها، وما لا يوافق النص لا نعمل به.
فاعلم، رحمك الله، أن الذي ندين به، وندعو الناس إليه: إفراد الله بالدعوة، وهي دين الرسل؛ قال الله: ﴿وإذْ أخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إلاَّ اللَّهَ﴾ ٣. فانظر، رحمك الله، ما أحدث الناس من عبادة غير الله، فتجده في الكتب. جعلني الله وإياك ممن يدعو إلى الله على بصيرة كما قال الله لنبيه محمد ﷺ: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أدْعُو إلى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أنا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبْحانَ اللَّهِ وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ ٤. وصلى الله على محمد.
١ مسلم: الإيمان (١٤٥)، وابن ماجة: الفتن (٣٩٨٦)، وأحمد (٢/٣٨٩).
٢ سورة الجن آية: ١٨.
٣ سورة البقرة آية: ٨٣.
٤ سورة يوسف آية: ١٠٨.