موقع الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب > سيرة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب التميمي

أُخبركم أني ولله الحمد عقيدتي وديني الذي أدين الله به، مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين؛ مثل: الأئمة الأربعة، وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بيَّنت للناس: إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء، والأموات من الصالحين، وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعبد اللهُ به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك مما هو حق لله، الذي لا يشركه فيه مَلَك مقرب، ولا نبي مرسل؛ وهو الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة.

هو شيخ الإسلام، ومصباح الظلام، ومُفيد الأنام، الشيخ الإمام، محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان[1].

• كنيته: أبو الحسن.

• والدتُه: بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي؛ فهي من عشيرته الأدنين.

وهذا النسب فيه منقبة من وجوه ثلاثة:

الأول: حيث يلتقي بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.

الثاني: أنه عربي محض.

الثالث: أنه من ولد إسماعيل عليه السلام.

وتأمل اسمَه (محمد) وما بين الاسم والمسمى من ارتباط وتناسب وصدق من قال:

وقَلَّما أبصرَتْ عيناكَ ذا لقبٍ ♦♦♦ إلَّا ومعناه لو فَكَّرْتَ في لَقبِه

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرَ الصفات المحمودة، اشتُقَّ له من وصفه اسمٌ مطابق لمعناه، فاسمه صلى الله عليه وسلم (محمد)، وقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

وشقَّ له من إسمِه كي يُجلَّه ♦♦♦ فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ

وقال عباس بن مرداس رضي الله عنه:

إنَّ الإله بَنَى عليكَ محبةً ♦♦♦ مِن خلقِه.. ومحمدًا سمَّاكا

والغالب أن الاسم (محمد) عنوان خيرٍ على مَن تسمَّى به، وقد يتخلف التناسب بين الاسم والمسمى، حسبك (محمد بن سعيد المصلوب)، قال ابن رشدين: سألت أحمد بن صالح المصري عنه، فقال: زنديق، ضُربت عنقه، وضع أربعة آلاف حديث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] البسام: علماء نجد 1 /25 – 26، قال: وإلى هنا يقف ثقات الرواة…، وهذا النسب إلى عقبة منقول بالتواتر، ومن خطوط علماء الوهبة المعتبرين المجمع على علمهم وثقتهم واطلاعهم…، ومِن عقبة إلى إلياس منقول عن ثقات النسَّابين والمؤرِّخين.

ولد الشيخ سنة (1115) للهجرة في بلدة (العُيَيْنَة) من بلاد نجد، وتوفي بـ (الدرعية) عام (1206هـ) ودفن بها، فلم يُعظم قبره ولم يتخذ مزارًا، وهذا دليل نجاح دعوته وصدق إرادته وإخلاص أتباعه، ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، فرحمه الله رحمة واسعة وحشرنا وإياه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وقد رثاه الشعراء بقصائد معبرة، كان منها المرثية الرنَّانة للشيخ أبي بكر حسين بن غنام الأحسائي رحمه الله من أبياتها:

إلى اللهِ في كشفِ الشدائدِ نَفْــــــزَعُ ** وليس إلى غيرِ المُهيمِنِ مَفْــــــزَعُ

لقد كسفتْ شمسُ المعارفِ والهدى ** فسالَتْ دماءٌ في الخدودِ وأدمــــــعُ

إمامٌ أصيبَ الناسُ طرًّا بفقـــــــــدِه ** وطاف بهم خطبٌ من البَيْنِ مُوجِعُ

وشمَّر في منهاجِ سُنَّةِ أحمـــــــــــدٍ ** يشيدُ ويُحيي ما تَعفَّى ويرقـــــــــعُ

يُناظِرُ بالآياتِ والسُّنَّةِ التــــــــــــي ** أُمرنا إليها في التنازعِ نَرجِـــــــعُ

لقد وجد الإسلام يومَ فِراقِــــــــــــه ** مصابًا خشينا بعدَه يَتصــــــــــدَّعُ

بكَتْهُ ذَوو الحاجاتِ يومَ فراقِــــــــه **وأهلُ الهدى والحقِّ والدينِ أجمــعُ

لشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كان سليل أسرة علمية، فأبوه، وقبله جده، كانا على قدر كبير من العلم، وقد سادا أهل زمانهما فقهًا وفتوى:

قُلْ لمن سادَ ثمَّ سادَ أبوهُ ♦♦♦ ثم قد سادَ قبل ذلك جدُّهْ

لقد تربى الشيخ في بيت علم ودين، لذا كان مشغوفًا بالدراسة حريصًا على التحصيل، وإليك أسماء القريبين منه:

1- والده الشيخ عبدالوهاب (ت: 1153هـ) عالم كبير، تولى الإفتاء بالعُيَيْنَة، وتقلَّد منصب القضاء بالعُيَيْنَة وحريملاء.

2- جده الشيخ سليمان بن علي (ت: 1079هـ) مفتي بلاد نجد، ورئيس علمائها، وكان أوسعهم علمًا، وأنبههم ذكرًا، فهو مرجع علماء نجد عامة، ولي قضاءَ العُيَيْنَة.

3- الشيخ إبراهيم بن سليمان بن علي، عالم كاتب مشهور، وهو عم الشيخ محمد.

4- الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم، ابن عم الشيخ.

5- الشيخ أحمد بن سليمان بن علي من أهل العلم، وهذا عمه الثاني.

6- الشيخ سليمان بن عبدالوهاب، وهو أخو الشيخ.

7- أبناء الشيخ محمد (خمسة)، أربعة منهم من العلماء الكبار.

8- خال الشيخ محمد، هو الفقيه الشيخ سيف بن محمد بن عزاز.

9- أبناء أخيه سليمان، وأحفاده كلهم علماء.

وكلُّهم من رسولِ اللهِ ثمُقتَبِسٌ ♦♦♦ غرفًا من البحرِ أو رشفًا من الدِّيَمِ

وفي هذه البيئة العلمية الدينية الميمونة، نشأ الشيخ وترعرع وتأثر بها تأثُّرًا كبيرًا، ظهر في حياته العلمية والدعوية.

• الحالة الدينية:

لا يخلو عصر من العصور من غرسٍ لله جل وعلا يستعملهم في طاعته، ومع وجود العلماء العاملين والعباد المتَّبعين، إلا أن بلاد المسلمين تعيش غربة شديدة، وحالة دينية منحطة، قد ساد الانحراف الديني والفكري؛ وأهم معالم ذلك الانحراف:

أولًا: الجهل.

ثانيًا: الشرك بأقسامه وأنواعه.

ثالثًا: الكفر بأقسامه وأنواعه.

رابعًا: البدع.

خامسًا: الفرق الضالة.

سادسًا: الخرافات.

سابعًا: المعاصي.

ثامنًا: إضاعة معظم شعائر الإسلام، غير أن هناك مَن كان يحافظ عليها.

وبعد جهاد الإمامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله، استقامت كثير من الأمور في بلاد اليمامة وما تبعها من البلاد، وظهرت السنة، وخفيت البدعة.

• الحالة العلمية:

كانت حالة نجد العلمية حالة استرخاء، تكاد تنحصر في الفقه، والمذهب السائد لديهم هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وكان العلماء معنيين بالفقه الحنبلي، يُجيدونه ويُحررونه، ويرحلون في تحصيله، ولهم في علم التفسير والحديث والتوحيد والعربية مشاركات قليلة، وكان من النادر مَن يتعدَّى الفقه إلى غيره من العلوم.

فلما انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تغيَّر هذا الاتجاه، وتنوَّعت الثقافة، وتعدَّدت العلوم، وأعطي علم التوحيد والحديث والتفسير عناية بالغة.

• الحالة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية:

كان العالم الإسلامي بصفة عامة يعاني نتيجة الفساد العام في جميع شؤون الحياة، وبسبب البعد عن دين الله جل وعلا انفرط عِقد القوة الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي، وساد الضعف.

وكانت نجد مع تقسمها إلى ولايات عديدة تعيش تدهورًا سياسيًّا وتقهقرًا اجتماعيًّا، وتخلفًا اقتصاديًّا، فكان لهذه الأمور الأثر السيِّئ على أهل ذلك المجتمع.

وبعد دعوة الشيخ وحماية الإمام محمد بن سعود رحمهما الله لها صلَحت الأحوال سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وأصبحت السُّبل آمنةً، وشرائع الإسلام ظاهرة، قال حسان رضي الله عنه:

وما الدينُ إلَّا أن تُقامَ شرائعٌ ♦♦♦ وتؤمنَ سبْلٌ بيننا وهِضابُ

فكان أثر هذا التحسن على الجزيرة وساكنيها ظاهرًا لكل ذي عينين.

تميزت حياة الشيخ العلمية بأربعة أمور:

الأول: الجد في طلب العلم وتحصيله.

الثاني: سَعَةُ علمه وغزارته.

الثالث: الانشغال بالعلم الأهم.

الرابع: كثرة إنتاجه وبركته.

كان الشيخ رحمه الله حادَّ الذهن، ذكيًّا نبيهًا فَطِنًا، فصيح اللفظ سريع الحفظ، اشتغل بالعلم منذ نعومة أظفاره، فطلبه صغيرًا، وامتطى صهوته يافعًا، حفِظ القرآن عن ظهر قلب قبل سن العاشرة – والقرآن يهدي للتي هي أقوم – وتعلَّم كثيرًا من الفنون، وحفِظ بعضًا من المتون، وكان محبًّا للقراءة والاطِّلاع، فحاز قصب السبق في العلوم الشرعية، ونال سمو المكانة وشرف المنصب، وبوَّأه الله منزلة علمية عالية.

ومما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “إذا كانت الفطرة مستقيمةً على الحقيقة، منورة بنور القرآن، تجلَّت لها الأشياء على ما هي عليه في تلك المزايا، وانتَفَت عنها ظلمات الجهالات”[1].

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ابن تيمية: الفتاوى 20 /44.

تبسط الشيخ في البلاد طلبًا للعلم الشرعي، فتنقَّل في ضواحي نجد؛ حيث يوجد بها علماء، ثم رحل إلى مكةَ والمدينة، ثم العراق والأحساء وغير ذلك، والتقى بعلمائها، وأجازه بعضهم، واشتهر عندهم بالعلم والذكاء، وباحثَ وناظرَ، واجتهد في التحصيل، حتى أصبح عالمًا وإمامًا بلا منازعة.

الشيخ رحمه الله قطب من أقطاب العلم، وبحر من بحوره، ووعاء من أوعيته، يَعرِفُ سَعَة علمه مَن اطَّلع على مصنفاته ورسائله، وكان في علم التوحيد كالإخاذة [شيء كالغدير] تروي الجم الغفير، وله استنباطات دقيقة، واستدلالات صائبة عجيبة، تدل دلالة واضحة على غزارة علمه وقوة فهمه، فهو إهاب قد امتلأ علمًا ورسوخًا، لقد تبوَّأ منزلة علمية عالية موفَّقة، وقد شهِد له بالإمامة القريب والبعيد، ومن مرثية الشيخ الشوكاني للإمام محمد:

إمامٌ له شأنٌ كبيرٌ ورتبــــــــــــــــــــــــــــــةٌ ** مِن الفضلِ تثني عزَّةَ المُتطـــــــــاولِ

فريدُ كمالٍ في العلوجِ فهل ترى ** له في تقاديرٍ لها مِن مماثـــــــــــــــــــــــلِ

وآهًا على تحقيقِه في دروسِـــــــــــــه ** وتوضيحِه للمعضلاتِ المشاكلِ

• اتصال إسناده:

قال الشيخ عبداللطيف: أخذ الفقه عن أبيه، عن جده سليمان بن علي مفتي الديار النجدية في وقته، وسنده المتصل بأئمة المذهب إلى الإمام أحمد، معروف مقرر عندهم.

وسمِع الحديث عن أشياخ الحرمين في وقته، وأجازه الكثير منهم، ومن أعلامهم محدِّث الحرمين الشيخ محمد حياة السندي[1].

قال محرره – عفا الله عنه -:

أكتفي بإسناد واحد من أسانيده، إلى إمام عصره محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله، هذا الإسناد من الأسانيد التي أجاز لي الشيخ أبو طاهر زبير علي زائي أن أرويَها عنه، عن الشيخ العلامة بديع الدين الراشدي السندي، إجازةً وقراءةً وسماعًا، قال الشيخ بديع – وهو موجود في ثبته -:

أخبرني الشيخ عبدالحق الهاشمي، قال: أخبرنا أحمد بن عبدالله بن سالم البغدادي، عن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، عن جده شيخ الإسلام، عن عبدالله بن إبراهيم المدني، عن عبدالقادر التغلبي، عن عبدالباقي، عن أحمد الوفائي، عن موسى الحجازي، عن أحمد الشويكي، عن العسكري، عن الحافظ عبدالرحمن بن رجب، عن الحافظ شمس الدين ابن القيم، عن شيخ الإسلام الحافظ تقي الدين أبي العباس ابن تيمية، عن الفخر ابن البخاري، عن أبي ذر الهَرَوي، عن شيوخه الثلاثة السرخسي والمستملي والكُشْمَيْهَني، عن محمد بن يوسف الفربري، عن إمام الدنيا أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري.

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] عبداللطيف آل الشيخ: مصباح الظلام ص 154.

لشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله نُعْمَة عينٍ، وحسبك أنه صاحب سنة وجماعة، فالشيخ إمام في السنة، وسراج في الدعوة، وله القدح المعلَّى في العلم، وإذا ذُكر المصلحون فهو النجم الثاقب، وما أحد – حسب علمي – بعد القرن الثاني عشر إلى هذا اليوم آمَن على أهل الجزيرة في توحيد الله منه، ولقد امتدحه وأثنى عليه خلائق لا يُحصون من المتقدمين والمتأخرين، واعترف أعداؤه مِن كتاب النصارى ومؤرِّخيهم أنه يدعو الناس إلى الدين الصحيح ويُعيدهم إليه، والحق ما شهدت به الأعداء.

نطَق العداةُ بفضلِه لظهورِهِ ♦♦♦ كرهًا وقد حرَصوا على إخفائِهِ

والكثير من فحول العلماء وأساطينهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وتباعد ديارهم وأقطارهم، اتفق قولهم واجتمعتْ كلمتهم، على أنه إمام عالم فاضل، مجاهد مجدد مصلح سلفي، وأن دعوته عينُ ما دعا إليه النبيون والمرسلون، قال الشيخ ملا عمران بن علي بن رضوان:

فالعالِمونَ العامِلونَ المُنصِفو ♦♦♦ نَ لهُ أقرُّوا بالفضائلِ واليدِ

وقد أثنى الناس – وهم شهداء الله في أرضه – على الشيخ وعلى دعوته نظمًا ونثرًا:

فالناسُ أكيسُ مِن أن يَحمَدوا رجلًا ♦♦♦ من غيرِ أنْ يجدوا آثارَ إحسانِ

وكتب التراجم والتواريخ – ومَن ألَّف في سيرته – طافحةٌ بالمدح والثناء، فلا داعي لنقلها وإطالة الرسالة بذكرها، وقد ذكر الشيخ حسين بن غنام – المؤرخ الثقة – المعاصر للشيخ، في تاريخه عن أكابر أهل عصره، أنهم شهِدوا له بالعلم والدين، وأنه من جملة المجددين، وكذلك أهل مصر والشام والعراق والحرمين، تواتر عن فضلائهم وأذكيائهم مدحه والثناء عليه، وكتبه شاهدة برسوخه في العلم.

يقول الشيخ عبداللطيف رحمه الله: مَن طالع كتاب التوحيد وغيره من مصنفاته، عرَف فضل الشيخ وعلمه، وأنه مِن أدق الناس فهمًا، وأغزرهم علمًا، وإنما يرجع أهل نجد في وقته إليه في سائر العلوم الشرعية[6].

وقد مدحَه الشيخان اليمانيَّان الكبيران: الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعانيُّ مؤلف (سبل السلام)، والشيخ محمد بن علي الشوكاني مؤلِّف (نيل الأوطار)، وكذلك الشيخ ملا عمران نزيل لنجة، والشيخ محمد الحفظي من علماء عسير، رحمهم الله، بقصائدَ سارتْ بها الركبان، ومما قاله الشوكاني:

إمامُ الورَى علَّامةُ العصرِ قُدوتي ♦♦♦ وشيخُ الشيوخِ الحَبْرُ فردُ الفضائلِ

إمامٌ له شأنٌ كبيرٌ ورتبـــــــــــــــــــــــــــــةٌ ♦♦♦ من الفضلِ تثني همَّةَ المُتَطـــــــــــــــــــــاوِلِ

وامتدح علميَّتَه وعقيدتَه ومنهجَه علَّامةُ العراق الشيخ محمود شكري الألوسي في كتابه (تاريخ نجد)، وقال الشيخ عبدالقادر بن بدران – علَّامة الشام -: العالم الأثري، والإمام الكبير، محمد بن عبدالوهاب…، إلخ.

وقال الشيخ بديع الدين الراشدي – علَّامة السند -: الشيخ الإمام المجدد، المحدث الفقيهُ، المجاهد في سبيل الله، وإمام الدعوة إلى العقيدة السلفية، محمد بن عبدالوهاب…، إلخ، هذا فَيْض من غَيْض، وقليلٌ من كثير، وفيما ذكرتُه إشارة إلى ما تركته.

ذكر من صفات الشيخ وأخلاقه على وجه الإجمال:

الشيخ محمد رحمه الله هشٌّ بشٌّ [أي طَلْق الوجه]، طيب المشاش [أي كريم النفس]، رجل أريضٌ [أي متواضع خليق للخير]، وكان عالمًا عابدًا، زاهدًا وَرِعًا، صدَّاعًا بالحق، لا تأخذه في الله لَوْمةُ لائِم.

وكان على قدر كبير من الأخلاق الرشيدة والسيرة الحميدة، قال الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر رحمه الله: وبالجملة، فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، ولو بسطتُ القول فيها واستقصيتُها لاتَّسعَ لأسفار.

تتلمذ الشيخ على أساطين علماء عصره داخل نجد وخارجها:

• وكان من أبرز مشايخِه في نجد: والده عبدالوهاب (ت: 1153هـ).

• ومن أبرز مشايخه بالمدينة: الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سيف (ت: 1140هـ)، وكان إمامًا في الفقه وأصوله، وابنه إبراهيم (ت: 1189هـ)، وكان فرضيًّا، والشيخ المحدِّث محمد حياة السندي (ت: 1163هـ).

• ومن أبرز مشايخه بالعراق: الشيخ محمد المجموعي.

• ومن أبرز مشايخه بالأحساء: الشيخ عبدالله بن محمد بن عبداللطيف.

ولما لمع نجمُه، وسطع نوره، وأصبح من المبرزين في العلم، قصده طلاب العلم من كل مكان وازدحموا عليه، فأخذ عنه العلم مجموعة كبيرة، ساروا على مدرجته، وسلكوا نهجه في الدعوة إلى الله، وإظهار السنة وقمع البدعة، وكان من أبرزهم أبناؤه:

• الشيخ عبدالله (ت: 1244هـ)، وقد تقيَّض أباه (أشبهه) في تولي مهام الدعوة، واقتفى أثره، وله مؤلفات.

• والشيخ حسين (ت: 1224هـ)، أحد كبار علماء الدعوة السلفية بنجد، وله رسائل وفتاوى، وتولى الخطابة بجامع الدرعية الكبير.

• والشيخ علي (ت: 1245هـ) أكبر أبناء الشيخ.

• والشيخ إبراهيم (ت: 1251هـ).

وكانوا علماء أجلاء، قال الشيخ محمد الحفظي:

أولادُهُ مشايخُ التحقيقِ ♦♦♦ وسدرةٌ في منتهى الطريقِ

وقال عثمان بن عبدالله بن بشر: ولقد رأيت لهؤلاء الأربعة العلماء الأجلاء مجالسَ ومحافلَ في التدريس في بلد الدرعية، وعندهم طلبة علم من أهل الدرعية ومن أهل الآفاق.

ومن تلاميذه:

• حفيده الشيخ عبدالرحمن بن حسن (ت: 1285هـ).

• والشيخ حمد بن ناصر بن معمر (ت: 1225هـ).

• والشيخ حسين بن غنام (ت: 1225هـ).

• والشيخ عبدالعزيز الحصين (ت: 1237هـ).

• والشيخ عبدالعزيز بن سويلم (ت: 1244هـ)، وغيرهم كثير.
شارك المحتوى عبر
علماء نجد
دعاوى المناوئين لدعوة الامام
التصنيفات

فتاوى
الفتاوى والمسائل
الدرر السنية في الأجوبة النجدية
المكتبة النصية
الفقــــه وأصــــولـــه
التوحيـد والعقيـدة
الصوتيات و المرئيات
شروحات المتون
سيرته وآثاره
مرئيات
فوائــد
درر متنوعة
فوائد قرانية
فوائد حديثية
مختارات أصولية وفقهية
إختيارات عقدية
تربويات
التوحيـد والعقيـدة
كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد

إحصائيات المواد

 

ألفَّ الشيخ الكتب الكثيرة المفيدة ، الدالة على سَعَة علمه واستطلاعه وقوة استنباطه، معتنيًا بالدليل، ناقلًا آراء العلماء العاملين والأئمة المجتهدين، وعُنِي بالمختصرات النافعة الدالة على الحق، بألطف إشارة وأحسن عبارة، فألَّف في التفسير والحديث والتوحيد والفقه والسيرة، وغير ذلك من الفنون، إلا أنه رئم [لزم وأحب] علمَ التوحيدِ، فصار شغلَه الشاغل، أرخى لقلمه العنان في بيانه، ووقف نفسَه وصبَّ عُصارةَ أفكاره في تحقيقه وتوضيحه، بسبب حاجة الناس إلى معرفته، فأتى بما يسرُّ الناظرين ويثلج صدور المتبعين.

قد عَرَفْناكَ باختيارِكَ إِذْ كا ♦♦♦ ن دليلًا على اللبيبِ اختيارُهْ

وكان من تلك المؤلفات والرسائل الكثيرة:

1- كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، (وهو من أهم كتب الشيخ، وقد اشتمل على (66) بابًا، أولها: باب فضل التوحيد وما يكفر الذنوب)، ولعظيم قدره وُجِدَ ما يَربُو على عشرين شرحًا له.

2- الأصول الثلاثة (التي هي معرفة العبد ربَّه، ودينَه، ونبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم).

3- مسائل الجاهلية؛ (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية، وقد بلغت 120 مسألة).

4- كشفت الشبهات؛ (الشبهات التي أوردها أهل البدع لصد الناس عن الدعوة إلى الحق، أجاب عنها الشيخ بما يشفي العليل ويروي الغليل).

5- مفيد المستفيد بكفر تارك التوحيد.

6- القواعد الأربع.

7- فضائل الإسلام.

8- فضل القرآن.

9- آداب المشي إلى الصلاة.

10- مجموع في الحديث على أبواب الفقه؛ اشتمل على ما يقارب (4600) من الأحاديث والآثار معزوَّة إلى مصادرها.

11- وله كتاب أحاديث في الفتن والحوادث؛ اشتمل على (200) حديث.

12- أصول الإيمان؛ اشتمل على (142) حديثًا.

13- الكبائر؛ اشتمل على (258) حديثًا.

وهذا دليل عناية الشيخ الفائقة بالأحاديث والآثار.

14- للشيخ تفسير لبعض سور القرآن وبعض آياته.

15- مختصر زاد المعاد.

16- مختصر السيرة.

17- مختصر الإنصاف والشرح الكبير.

وذكروا له العديد من المختصرات، والكثير من المؤلفات والرسائل والأجوبة، شهدت بفضل الشيخ ونالت إعجاب القريب والبعيد.

فهذِيْ تصانيفُ الإمامِ شهيرة ♦♦♦ مُدوَّنة معلومة لذوي الرشد

وقد قامتْ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مشكورةً بجمع ما تيسَّر من مؤلفات الشيخ ورسائله المخطوطة والمطبوعة، وحقَّقتها وطبعتها في مجموع واحد بلغ عدة مجلدات يمكن الحصول عليها.

أصول أقواله وفتاويه:

أقوال الشيخ وفتاويه مبنيَّة على أصول ثابتة، لا على منامات وحكايات، ولا على تُرَّهات لا تُسمِنُ ولا تغني من جوع، كتلك الترهة التي لجأ إليها بعض البُلداءِ والبطَّالين يَخْدَعُ بها الطَّغامَ وأوغاد الناس (حدثني قلبي عن ربي)، بل أصوله التي بنى أقواله وفتاويه عليها أصول الأئمة السابقين والعلماء المجتهدين؛ أهمها:

1- النصوص – الكتاب والسنة وإجماع المسلمين – فإذا وجد النص قال بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا مَن خالفه.

2- فتاوى الصحابة.

وهذه الأصول هي الأصول العلمية الشرعية؛ كما قال ابن القيم.

العلمُ قال اللهُ قال رسولُهُ ♦♦♦ قال الصحابةُ هم أولو العِرْفَانِ

مصادر ترجمة هذا النابغ العظيم، والعالم الفذ المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كثيرة جدًّا، وهو أشهر من نار على علم، وقد تناول حياته ودعوته العديدُ من الكتاب والباحثين داخل الجزيرة وخارجها، وصنفت في ذلك كثيرٌ من المصنفات، وقدمت رسائل وبحوث علمية في جوانب عديدة من حياة الشيخ ودعوته، حتى المستشرقون لهم كتابات عنه، ولا تعجب، فالشيخ أمة، وقد قيل:

ولن تُصادِفَ مَرْعًى مُمْرَعًا أبدًا ♦♦♦ إلا وجدتَ به آثارَ مُنْتَجعِ

ومن تلك المصادر:

• الإمام محمد بن عبدالوهاب: دعوته وسيرته؛ لشيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز.

• من أعلام المجدِّدين؛ للشيخ صالح الفوزان.

• الشيخ محمد بن عبدالوهاب حياته وفكره؛ لعبدالله العثيمين.

• الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التاريخ؛ لعبدالله الرويشد.

• عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية؛ لصالح العبود.

• الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لأحمد آل بو طامي.

• حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لحسين خزعل.

• نبذة مختصرة عن حياة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب؛ لعبدالرحمن الجطيلي.

• سيرة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لأمين سعيد.

• محمد بن عبدالوهاب؛ لأحمد عبدالغفور عطار.

• الإمام محمد بن عبدالوهاب؛ لعبدالحليم الجندي.

• شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب؛ لمحمد جميل.

• الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب حياته ودعوته؛ لعبدالله الشبل.

• محمد بن عبدالوهاب داعية التوحيد والتجديد؛ لمحمد بهجة.

• انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لمحمد جمعة.

• أهداف دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لإبراهيم فارس.

• الدعوة الإصلاحية في بلاد نجد؛ لعبدالله المطوع.

• دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لعبدالعزيز العبداللطيف.

• آثار الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ أحمد الضبيب.

• الإمام محمد بن عبدالوهاب ومنهجه في الدعوة؛ رسالة ماجستير بقسم العقيدة، بجامعة الإمام؛ للطالب محمد السكاكر.

• دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأثرها في العالم الإسلامي، رسالة مقدمة لنَيْل درجة الدكتوراه في العقيدة، من جامعة أم القرى بمكة؛ للطالب أحمد الزهراني.

• زعماء الإصلاح؛ لأحمد أمين.

• المصلح المظلوم؛ لمسعود الندوي.

• مجموعة بحوث مقدمة لمؤتمر أسبوع الشيخ محمد.

• روضة الأفكار والأفهام؛ لابن غنام.

• الأخبار النجدية؛ للفاخري.

• عنوان المجد في تاريخ نجد؛ لابن بشر.

• تاريخ نجد؛ للألوسي.

• مجموعة الرسائل والمسائل النجدية؛ للشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن.

• الدُّرر السَّنية؛ جمع الشيخ عبدالرحمن بن قاسم.

• علماء نجد خلال ستة قرون؛ للشيخ عبدالله البسام.

• رفع النقاب في تراجم الأصحاب؛ لابن ضويان.

• تراجم متأخري الحنابلة؛ لابن حمدان.

• مشاهير علماء نجد؛ لعبدالرحمن آل الشيخ.

• روضة الناظرين؛ لمحمد بن عثمان.

• ذيل الدر؛ لابن حميد.

• تسهيل السابلة؛ لصالح بن عبدالعزيز بن عثيمين.

• الأعلام؛ للزركلي.

• معجم المؤلفين؛ لكحالة، وغيرها الكثير.

•ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : علي بن عبدالله النمي

•مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب لعلي بن عبدالله النمي

اسمه ونسبه

هو شيخ الإسلام، ومصباح الظلام، ومُفيد الأنام، الشيخ الإمام، محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان[1].

• كنيته: أبو الحسن.

• والدتُه: بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي؛ فهي من عشيرته الأدنين.

وهذا النسب فيه منقبة من وجوه ثلاثة:

الأول: حيث يلتقي بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.

الثاني: أنه عربي محض.

الثالث: أنه من ولد إسماعيل عليه السلام.

وتأمل اسمَه (محمد) وما بين الاسم والمسمى من ارتباط وتناسب وصدق من قال:

وقَلَّما أبصرَتْ عيناكَ ذا لقبٍ ♦♦♦ إلَّا ومعناه لو فَكَّرْتَ في لَقبِه

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرَ الصفات المحمودة، اشتُقَّ له من وصفه اسمٌ مطابق لمعناه، فاسمه صلى الله عليه وسلم (محمد)، وقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

وشقَّ له من إسمِه كي يُجلَّه ♦♦♦ فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ

وقال عباس بن مرداس رضي الله عنه:

إنَّ الإله بَنَى عليكَ محبةً ♦♦♦ مِن خلقِه.. ومحمدًا سمَّاكا

والغالب أن الاسم (محمد) عنوان خيرٍ على مَن تسمَّى به، وقد يتخلف التناسب بين الاسم والمسمى، حسبك (محمد بن سعيد المصلوب)، قال ابن رشدين: سألت أحمد بن صالح المصري عنه، فقال: زنديق، ضُربت عنقه، وضع أربعة آلاف حديث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] البسام: علماء نجد 1 /25 – 26، قال: وإلى هنا يقف ثقات الرواة…، وهذا النسب إلى عقبة منقول بالتواتر، ومن خطوط علماء الوهبة المعتبرين المجمع على علمهم وثقتهم واطلاعهم…، ومِن عقبة إلى إلياس منقول عن ثقات النسَّابين والمؤرِّخين.

مولده ووفاته

ولد الشيخ سنة (1115) للهجرة في بلدة (العُيَيْنَة) من بلاد نجد، وتوفي بـ (الدرعية) عام (1206هـ) ودفن بها، فلم يُعظم قبره ولم يتخذ مزارًا، وهذا دليل نجاح دعوته وصدق إرادته وإخلاص أتباعه، ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، فرحمه الله رحمة واسعة وحشرنا وإياه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وقد رثاه الشعراء بقصائد معبرة، كان منها المرثية الرنَّانة للشيخ أبي بكر حسين بن غنام الأحسائي رحمه الله من أبياتها:

إلى اللهِ في كشفِ الشدائدِ نَفْــــــزَعُ ** وليس إلى غيرِ المُهيمِنِ مَفْــــــزَعُ

لقد كسفتْ شمسُ المعارفِ والهدى ** فسالَتْ دماءٌ في الخدودِ وأدمــــــعُ

إمامٌ أصيبَ الناسُ طرًّا بفقـــــــــدِه ** وطاف بهم خطبٌ من البَيْنِ مُوجِعُ

وشمَّر في منهاجِ سُنَّةِ أحمـــــــــــدٍ ** يشيدُ ويُحيي ما تَعفَّى ويرقـــــــــعُ

يُناظِرُ بالآياتِ والسُّنَّةِ التــــــــــــي ** أُمرنا إليها في التنازعِ نَرجِـــــــعُ

لقد وجد الإسلام يومَ فِراقِــــــــــــه ** مصابًا خشينا بعدَه يَتصــــــــــدَّعُ

بكَتْهُ ذَوو الحاجاتِ يومَ فراقِــــــــه **وأهلُ الهدى والحقِّ والدينِ أجمــعُ

أسـرتـه

لشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كان سليل أسرة علمية، فأبوه، وقبله جده، كانا على قدر كبير من العلم، وقد سادا أهل زمانهما فقهًا وفتوى:

قُلْ لمن سادَ ثمَّ سادَ أبوهُ ♦♦♦ ثم قد سادَ قبل ذلك جدُّهْ

لقد تربى الشيخ في بيت علم ودين، لذا كان مشغوفًا بالدراسة حريصًا على التحصيل، وإليك أسماء القريبين منه:

1- والده الشيخ عبدالوهاب (ت: 1153هـ) عالم كبير، تولى الإفتاء بالعُيَيْنَة، وتقلَّد منصب القضاء بالعُيَيْنَة وحريملاء.

2- جده الشيخ سليمان بن علي (ت: 1079هـ) مفتي بلاد نجد، ورئيس علمائها، وكان أوسعهم علمًا، وأنبههم ذكرًا، فهو مرجع علماء نجد عامة، ولي قضاءَ العُيَيْنَة.

3- الشيخ إبراهيم بن سليمان بن علي، عالم كاتب مشهور، وهو عم الشيخ محمد.

4- الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم، ابن عم الشيخ.

5- الشيخ أحمد بن سليمان بن علي من أهل العلم، وهذا عمه الثاني.

6- الشيخ سليمان بن عبدالوهاب، وهو أخو الشيخ.

7- أبناء الشيخ محمد (خمسة)، أربعة منهم من العلماء الكبار.

8- خال الشيخ محمد، هو الفقيه الشيخ سيف بن محمد بن عزاز.

9- أبناء أخيه سليمان، وأحفاده كلهم علماء.

وكلُّهم من رسولِ اللهِ ثمُقتَبِسٌ ♦♦♦ غرفًا من البحرِ أو رشفًا من الدِّيَمِ

وفي هذه البيئة العلمية الدينية الميمونة، نشأ الشيخ وترعرع وتأثر بها تأثُّرًا كبيرًا، ظهر في حياته العلمية والدعوية.

عصره

• الحالة الدينية:

لا يخلو عصر من العصور من غرسٍ لله جل وعلا يستعملهم في طاعته، ومع وجود العلماء العاملين والعباد المتَّبعين، إلا أن بلاد المسلمين تعيش غربة شديدة، وحالة دينية منحطة، قد ساد الانحراف الديني والفكري؛ وأهم معالم ذلك الانحراف:

أولًا: الجهل.

ثانيًا: الشرك بأقسامه وأنواعه.

ثالثًا: الكفر بأقسامه وأنواعه.

رابعًا: البدع.

خامسًا: الفرق الضالة.

سادسًا: الخرافات.

سابعًا: المعاصي.

ثامنًا: إضاعة معظم شعائر الإسلام، غير أن هناك مَن كان يحافظ عليها.

وبعد جهاد الإمامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله، استقامت كثير من الأمور في بلاد اليمامة وما تبعها من البلاد، وظهرت السنة، وخفيت البدعة.

• الحالة العلمية:

كانت حالة نجد العلمية حالة استرخاء، تكاد تنحصر في الفقه، والمذهب السائد لديهم هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وكان العلماء معنيين بالفقه الحنبلي، يُجيدونه ويُحررونه، ويرحلون في تحصيله، ولهم في علم التفسير والحديث والتوحيد والعربية مشاركات قليلة، وكان من النادر مَن يتعدَّى الفقه إلى غيره من العلوم.

فلما انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تغيَّر هذا الاتجاه، وتنوَّعت الثقافة، وتعدَّدت العلوم، وأعطي علم التوحيد والحديث والتفسير عناية بالغة.

• الحالة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية:

كان العالم الإسلامي بصفة عامة يعاني نتيجة الفساد العام في جميع شؤون الحياة، وبسبب البعد عن دين الله جل وعلا انفرط عِقد القوة الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي، وساد الضعف.

وكانت نجد مع تقسمها إلى ولايات عديدة تعيش تدهورًا سياسيًّا وتقهقرًا اجتماعيًّا، وتخلفًا اقتصاديًّا، فكان لهذه الأمور الأثر السيِّئ على أهل ذلك المجتمع.

وبعد دعوة الشيخ وحماية الإمام محمد بن سعود رحمهما الله لها صلَحت الأحوال سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وأصبحت السُّبل آمنةً، وشرائع الإسلام ظاهرة، قال حسان رضي الله عنه:

وما الدينُ إلَّا أن تُقامَ شرائعٌ ♦♦♦ وتؤمنَ سبْلٌ بيننا وهِضابُ

فكان أثر هذا التحسن على الجزيرة وساكنيها ظاهرًا لكل ذي عينين.

نشأته العلمية

تميزت حياة الشيخ العلمية بأربعة أمور:

الأول: الجد في طلب العلم وتحصيله.

الثاني: سَعَةُ علمه وغزارته.

الثالث: الانشغال بالعلم الأهم.

الرابع: كثرة إنتاجه وبركته.

كان الشيخ رحمه الله حادَّ الذهن، ذكيًّا نبيهًا فَطِنًا، فصيح اللفظ سريع الحفظ، اشتغل بالعلم منذ نعومة أظفاره، فطلبه صغيرًا، وامتطى صهوته يافعًا، حفِظ القرآن عن ظهر قلب قبل سن العاشرة – والقرآن يهدي للتي هي أقوم – وتعلَّم كثيرًا من الفنون، وحفِظ بعضًا من المتون، وكان محبًّا للقراءة والاطِّلاع، فحاز قصب السبق في العلوم الشرعية، ونال سمو المكانة وشرف المنصب، وبوَّأه الله منزلة علمية عالية.

ومما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “إذا كانت الفطرة مستقيمةً على الحقيقة، منورة بنور القرآن، تجلَّت لها الأشياء على ما هي عليه في تلك المزايا، وانتَفَت عنها ظلمات الجهالات”[1].

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ابن تيمية: الفتاوى 20 /44.

رحلاته

تبسط الشيخ في البلاد طلبًا للعلم الشرعي، فتنقَّل في ضواحي نجد؛ حيث يوجد بها علماء، ثم رحل إلى مكةَ والمدينة، ثم العراق والأحساء وغير ذلك، والتقى بعلمائها، وأجازه بعضهم، واشتهر عندهم بالعلم والذكاء، وباحثَ وناظرَ، واجتهد في التحصيل، حتى أصبح عالمًا وإمامًا بلا منازعة.

سَعَة علمه

الشيخ رحمه الله قطب من أقطاب العلم، وبحر من بحوره، ووعاء من أوعيته، يَعرِفُ سَعَة علمه مَن اطَّلع على مصنفاته ورسائله، وكان في علم التوحيد كالإخاذة [شيء كالغدير] تروي الجم الغفير، وله استنباطات دقيقة، واستدلالات صائبة عجيبة، تدل دلالة واضحة على غزارة علمه وقوة فهمه، فهو إهاب قد امتلأ علمًا ورسوخًا، لقد تبوَّأ منزلة علمية عالية موفَّقة، وقد شهِد له بالإمامة القريب والبعيد، ومن مرثية الشيخ الشوكاني للإمام محمد:

إمامٌ له شأنٌ كبيرٌ ورتبــــــــــــــــــــــــــــــةٌ ** مِن الفضلِ تثني عزَّةَ المُتطـــــــــاولِ

فريدُ كمالٍ في العلوجِ فهل ترى ** له في تقاديرٍ لها مِن مماثـــــــــــــــــــــــلِ

وآهًا على تحقيقِه في دروسِـــــــــــــه ** وتوضيحِه للمعضلاتِ المشاكلِ

• اتصال إسناده:

قال الشيخ عبداللطيف: أخذ الفقه عن أبيه، عن جده سليمان بن علي مفتي الديار النجدية في وقته، وسنده المتصل بأئمة المذهب إلى الإمام أحمد، معروف مقرر عندهم.

وسمِع الحديث عن أشياخ الحرمين في وقته، وأجازه الكثير منهم، ومن أعلامهم محدِّث الحرمين الشيخ محمد حياة السندي[1].

قال محرره – عفا الله عنه -:

أكتفي بإسناد واحد من أسانيده، إلى إمام عصره محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله، هذا الإسناد من الأسانيد التي أجاز لي الشيخ أبو طاهر زبير علي زائي أن أرويَها عنه، عن الشيخ العلامة بديع الدين الراشدي السندي، إجازةً وقراءةً وسماعًا، قال الشيخ بديع – وهو موجود في ثبته -:

أخبرني الشيخ عبدالحق الهاشمي، قال: أخبرنا أحمد بن عبدالله بن سالم البغدادي، عن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، عن جده شيخ الإسلام، عن عبدالله بن إبراهيم المدني، عن عبدالقادر التغلبي، عن عبدالباقي، عن أحمد الوفائي، عن موسى الحجازي، عن أحمد الشويكي، عن العسكري، عن الحافظ عبدالرحمن بن رجب، عن الحافظ شمس الدين ابن القيم، عن شيخ الإسلام الحافظ تقي الدين أبي العباس ابن تيمية، عن الفخر ابن البخاري، عن أبي ذر الهَرَوي، عن شيوخه الثلاثة السرخسي والمستملي والكُشْمَيْهَني، عن محمد بن يوسف الفربري، عن إمام الدنيا أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري.

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] عبداللطيف آل الشيخ: مصباح الظلام ص 154.

ثناء العلماء

لشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله نُعْمَة عينٍ، وحسبك أنه صاحب سنة وجماعة، فالشيخ إمام في السنة، وسراج في الدعوة، وله القدح المعلَّى في العلم، وإذا ذُكر المصلحون فهو النجم الثاقب، وما أحد – حسب علمي – بعد القرن الثاني عشر إلى هذا اليوم آمَن على أهل الجزيرة في توحيد الله منه، ولقد امتدحه وأثنى عليه خلائق لا يُحصون من المتقدمين والمتأخرين، واعترف أعداؤه مِن كتاب النصارى ومؤرِّخيهم أنه يدعو الناس إلى الدين الصحيح ويُعيدهم إليه، والحق ما شهدت به الأعداء.

نطَق العداةُ بفضلِه لظهورِهِ ♦♦♦ كرهًا وقد حرَصوا على إخفائِهِ

والكثير من فحول العلماء وأساطينهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وتباعد ديارهم وأقطارهم، اتفق قولهم واجتمعتْ كلمتهم، على أنه إمام عالم فاضل، مجاهد مجدد مصلح سلفي، وأن دعوته عينُ ما دعا إليه النبيون والمرسلون، قال الشيخ ملا عمران بن علي بن رضوان:

فالعالِمونَ العامِلونَ المُنصِفو ♦♦♦ نَ لهُ أقرُّوا بالفضائلِ واليدِ

وقد أثنى الناس – وهم شهداء الله في أرضه – على الشيخ وعلى دعوته نظمًا ونثرًا:

فالناسُ أكيسُ مِن أن يَحمَدوا رجلًا ♦♦♦ من غيرِ أنْ يجدوا آثارَ إحسانِ

وكتب التراجم والتواريخ – ومَن ألَّف في سيرته – طافحةٌ بالمدح والثناء، فلا داعي لنقلها وإطالة الرسالة بذكرها، وقد ذكر الشيخ حسين بن غنام – المؤرخ الثقة – المعاصر للشيخ، في تاريخه عن أكابر أهل عصره، أنهم شهِدوا له بالعلم والدين، وأنه من جملة المجددين، وكذلك أهل مصر والشام والعراق والحرمين، تواتر عن فضلائهم وأذكيائهم مدحه والثناء عليه، وكتبه شاهدة برسوخه في العلم.

يقول الشيخ عبداللطيف رحمه الله: مَن طالع كتاب التوحيد وغيره من مصنفاته، عرَف فضل الشيخ وعلمه، وأنه مِن أدق الناس فهمًا، وأغزرهم علمًا، وإنما يرجع أهل نجد في وقته إليه في سائر العلوم الشرعية[6].

وقد مدحَه الشيخان اليمانيَّان الكبيران: الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعانيُّ مؤلف (سبل السلام)، والشيخ محمد بن علي الشوكاني مؤلِّف (نيل الأوطار)، وكذلك الشيخ ملا عمران نزيل لنجة، والشيخ محمد الحفظي من علماء عسير، رحمهم الله، بقصائدَ سارتْ بها الركبان، ومما قاله الشوكاني:

إمامُ الورَى علَّامةُ العصرِ قُدوتي ♦♦♦ وشيخُ الشيوخِ الحَبْرُ فردُ الفضائلِ

إمامٌ له شأنٌ كبيرٌ ورتبـــــــــــــــــــــــــــــةٌ ♦♦♦ من الفضلِ تثني همَّةَ المُتَطـــــــــــــــــــــاوِلِ

وامتدح علميَّتَه وعقيدتَه ومنهجَه علَّامةُ العراق الشيخ محمود شكري الألوسي في كتابه (تاريخ نجد)، وقال الشيخ عبدالقادر بن بدران – علَّامة الشام -: العالم الأثري، والإمام الكبير، محمد بن عبدالوهاب…، إلخ.

وقال الشيخ بديع الدين الراشدي – علَّامة السند -: الشيخ الإمام المجدد، المحدث الفقيهُ، المجاهد في سبيل الله، وإمام الدعوة إلى العقيدة السلفية، محمد بن عبدالوهاب…، إلخ، هذا فَيْض من غَيْض، وقليلٌ من كثير، وفيما ذكرتُه إشارة إلى ما تركته.

صفاتُه وأخلاقُه

ذكر من صفات الشيخ وأخلاقه على وجه الإجمال:

الشيخ محمد رحمه الله هشٌّ بشٌّ [أي طَلْق الوجه]، طيب المشاش [أي كريم النفس]، رجل أريضٌ [أي متواضع خليق للخير]، وكان عالمًا عابدًا، زاهدًا وَرِعًا، صدَّاعًا بالحق، لا تأخذه في الله لَوْمةُ لائِم.

وكان على قدر كبير من الأخلاق الرشيدة والسيرة الحميدة، قال الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر رحمه الله: وبالجملة، فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، ولو بسطتُ القول فيها واستقصيتُها لاتَّسعَ لأسفار.

شيوخه وتلاميذه

تتلمذ الشيخ على أساطين علماء عصره داخل نجد وخارجها:

• وكان من أبرز مشايخِه في نجد: والده عبدالوهاب (ت: 1153هـ).

• ومن أبرز مشايخه بالمدينة: الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سيف (ت: 1140هـ)، وكان إمامًا في الفقه وأصوله، وابنه إبراهيم (ت: 1189هـ)، وكان فرضيًّا، والشيخ المحدِّث محمد حياة السندي (ت: 1163هـ).

• ومن أبرز مشايخه بالعراق: الشيخ محمد المجموعي.

• ومن أبرز مشايخه بالأحساء: الشيخ عبدالله بن محمد بن عبداللطيف.

ولما لمع نجمُه، وسطع نوره، وأصبح من المبرزين في العلم، قصده طلاب العلم من كل مكان وازدحموا عليه، فأخذ عنه العلم مجموعة كبيرة، ساروا على مدرجته، وسلكوا نهجه في الدعوة إلى الله، وإظهار السنة وقمع البدعة، وكان من أبرزهم أبناؤه:

• الشيخ عبدالله (ت: 1244هـ)، وقد تقيَّض أباه (أشبهه) في تولي مهام الدعوة، واقتفى أثره، وله مؤلفات.

• والشيخ حسين (ت: 1224هـ)، أحد كبار علماء الدعوة السلفية بنجد، وله رسائل وفتاوى، وتولى الخطابة بجامع الدرعية الكبير.

• والشيخ علي (ت: 1245هـ) أكبر أبناء الشيخ.

• والشيخ إبراهيم (ت: 1251هـ).

وكانوا علماء أجلاء، قال الشيخ محمد الحفظي:

أولادُهُ مشايخُ التحقيقِ ♦♦♦ وسدرةٌ في منتهى الطريقِ

وقال عثمان بن عبدالله بن بشر: ولقد رأيت لهؤلاء الأربعة العلماء الأجلاء مجالسَ ومحافلَ في التدريس في بلد الدرعية، وعندهم طلبة علم من أهل الدرعية ومن أهل الآفاق.

ومن تلاميذه:

• حفيده الشيخ عبدالرحمن بن حسن (ت: 1285هـ).

• والشيخ حمد بن ناصر بن معمر (ت: 1225هـ).

• والشيخ حسين بن غنام (ت: 1225هـ).

• والشيخ عبدالعزيز الحصين (ت: 1237هـ).

• والشيخ عبدالعزيز بن سويلم (ت: 1244هـ)، وغيرهم كثير.
شارك المحتوى عبر
علماء نجد
دعاوى المناوئين لدعوة الامام
التصنيفات

فتاوى
الفتاوى والمسائل
الدرر السنية في الأجوبة النجدية
المكتبة النصية
الفقــــه وأصــــولـــه
التوحيـد والعقيـدة
الصوتيات و المرئيات
شروحات المتون
سيرته وآثاره
مرئيات
فوائــد
درر متنوعة
فوائد قرانية
فوائد حديثية
مختارات أصولية وفقهية
إختيارات عقدية
تربويات
التوحيـد والعقيـدة
كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد

مؤلفاته

ألفَّ الشيخ الكتب الكثيرة المفيدة ، الدالة على سَعَة علمه واستطلاعه وقوة استنباطه، معتنيًا بالدليل، ناقلًا آراء العلماء العاملين والأئمة المجتهدين، وعُنِي بالمختصرات النافعة الدالة على الحق، بألطف إشارة وأحسن عبارة، فألَّف في التفسير والحديث والتوحيد والفقه والسيرة، وغير ذلك من الفنون، إلا أنه رئم [لزم وأحب] علمَ التوحيدِ، فصار شغلَه الشاغل، أرخى لقلمه العنان في بيانه، ووقف نفسَه وصبَّ عُصارةَ أفكاره في تحقيقه وتوضيحه، بسبب حاجة الناس إلى معرفته، فأتى بما يسرُّ الناظرين ويثلج صدور المتبعين.

قد عَرَفْناكَ باختيارِكَ إِذْ كا ♦♦♦ ن دليلًا على اللبيبِ اختيارُهْ

وكان من تلك المؤلفات والرسائل الكثيرة:

1- كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، (وهو من أهم كتب الشيخ، وقد اشتمل على (66) بابًا، أولها: باب فضل التوحيد وما يكفر الذنوب)، ولعظيم قدره وُجِدَ ما يَربُو على عشرين شرحًا له.

2- الأصول الثلاثة (التي هي معرفة العبد ربَّه، ودينَه، ونبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم).

3- مسائل الجاهلية؛ (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية، وقد بلغت 120 مسألة).

4- كشفت الشبهات؛ (الشبهات التي أوردها أهل البدع لصد الناس عن الدعوة إلى الحق، أجاب عنها الشيخ بما يشفي العليل ويروي الغليل).

5- مفيد المستفيد بكفر تارك التوحيد.

6- القواعد الأربع.

7- فضائل الإسلام.

8- فضل القرآن.

9- آداب المشي إلى الصلاة.

10- مجموع في الحديث على أبواب الفقه؛ اشتمل على ما يقارب (4600) من الأحاديث والآثار معزوَّة إلى مصادرها.

11- وله كتاب أحاديث في الفتن والحوادث؛ اشتمل على (200) حديث.

12- أصول الإيمان؛ اشتمل على (142) حديثًا.

13- الكبائر؛ اشتمل على (258) حديثًا.

وهذا دليل عناية الشيخ الفائقة بالأحاديث والآثار.

14- للشيخ تفسير لبعض سور القرآن وبعض آياته.

15- مختصر زاد المعاد.

16- مختصر السيرة.

17- مختصر الإنصاف والشرح الكبير.

وذكروا له العديد من المختصرات، والكثير من المؤلفات والرسائل والأجوبة، شهدت بفضل الشيخ ونالت إعجاب القريب والبعيد.

فهذِيْ تصانيفُ الإمامِ شهيرة ♦♦♦ مُدوَّنة معلومة لذوي الرشد

وقد قامتْ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مشكورةً بجمع ما تيسَّر من مؤلفات الشيخ ورسائله المخطوطة والمطبوعة، وحقَّقتها وطبعتها في مجموع واحد بلغ عدة مجلدات يمكن الحصول عليها.

أصول أقواله وفتاويه:

أقوال الشيخ وفتاويه مبنيَّة على أصول ثابتة، لا على منامات وحكايات، ولا على تُرَّهات لا تُسمِنُ ولا تغني من جوع، كتلك الترهة التي لجأ إليها بعض البُلداءِ والبطَّالين يَخْدَعُ بها الطَّغامَ وأوغاد الناس (حدثني قلبي عن ربي)، بل أصوله التي بنى أقواله وفتاويه عليها أصول الأئمة السابقين والعلماء المجتهدين؛ أهمها:

1- النصوص – الكتاب والسنة وإجماع المسلمين – فإذا وجد النص قال بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا مَن خالفه.

2- فتاوى الصحابة.

وهذه الأصول هي الأصول العلمية الشرعية؛ كما قال ابن القيم.

العلمُ قال اللهُ قال رسولُهُ ♦♦♦ قال الصحابةُ هم أولو العِرْفَانِ

مصادر الترجمة

مصادر ترجمة هذا النابغ العظيم، والعالم الفذ المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كثيرة جدًّا، وهو أشهر من نار على علم، وقد تناول حياته ودعوته العديدُ من الكتاب والباحثين داخل الجزيرة وخارجها، وصنفت في ذلك كثيرٌ من المصنفات، وقدمت رسائل وبحوث علمية في جوانب عديدة من حياة الشيخ ودعوته، حتى المستشرقون لهم كتابات عنه، ولا تعجب، فالشيخ أمة، وقد قيل:

ولن تُصادِفَ مَرْعًى مُمْرَعًا أبدًا ♦♦♦ إلا وجدتَ به آثارَ مُنْتَجعِ

ومن تلك المصادر:

• الإمام محمد بن عبدالوهاب: دعوته وسيرته؛ لشيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز.

• من أعلام المجدِّدين؛ للشيخ صالح الفوزان.

• الشيخ محمد بن عبدالوهاب حياته وفكره؛ لعبدالله العثيمين.

• الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التاريخ؛ لعبدالله الرويشد.

• عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية؛ لصالح العبود.

• الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لأحمد آل بو طامي.

• حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لحسين خزعل.

• نبذة مختصرة عن حياة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب؛ لعبدالرحمن الجطيلي.

• سيرة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لأمين سعيد.

• محمد بن عبدالوهاب؛ لأحمد عبدالغفور عطار.

• الإمام محمد بن عبدالوهاب؛ لعبدالحليم الجندي.

• شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب؛ لمحمد جميل.

• الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب حياته ودعوته؛ لعبدالله الشبل.

• محمد بن عبدالوهاب داعية التوحيد والتجديد؛ لمحمد بهجة.

• انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لمحمد جمعة.

• أهداف دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لإبراهيم فارس.

• الدعوة الإصلاحية في بلاد نجد؛ لعبدالله المطوع.

• دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ لعبدالعزيز العبداللطيف.

• آثار الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ أحمد الضبيب.

• الإمام محمد بن عبدالوهاب ومنهجه في الدعوة؛ رسالة ماجستير بقسم العقيدة، بجامعة الإمام؛ للطالب محمد السكاكر.

• دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأثرها في العالم الإسلامي، رسالة مقدمة لنَيْل درجة الدكتوراه في العقيدة، من جامعة أم القرى بمكة؛ للطالب أحمد الزهراني.

• زعماء الإصلاح؛ لأحمد أمين.

• المصلح المظلوم؛ لمسعود الندوي.

• مجموعة بحوث مقدمة لمؤتمر أسبوع الشيخ محمد.

• روضة الأفكار والأفهام؛ لابن غنام.

• الأخبار النجدية؛ للفاخري.

• عنوان المجد في تاريخ نجد؛ لابن بشر.

• تاريخ نجد؛ للألوسي.

• مجموعة الرسائل والمسائل النجدية؛ للشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن.

• الدُّرر السَّنية؛ جمع الشيخ عبدالرحمن بن قاسم.

• علماء نجد خلال ستة قرون؛ للشيخ عبدالله البسام.

• رفع النقاب في تراجم الأصحاب؛ لابن ضويان.

• تراجم متأخري الحنابلة؛ لابن حمدان.

• مشاهير علماء نجد؛ لعبدالرحمن آل الشيخ.

• روضة الناظرين؛ لمحمد بن عثمان.

• ذيل الدر؛ لابن حميد.

• تسهيل السابلة؛ لصالح بن عبدالعزيز بن عثيمين.

• الأعلام؛ للزركلي.

• معجم المؤلفين؛ لكحالة، وغيرها الكثير.

•ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : علي بن عبدالله النمي

•مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب لعلي بن عبدالله النمي