خطبة له أيضا
الحمد لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله. وأنار قلوب أصفيائه بمشاهدة صفات كماله. وتحبب إلى عباده بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله. أحمده سبحانه حمد عبد أخلص لله في أقواله وأفعاله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا معين في تدبيره وأفعاله.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، نبي أنعم الله على جميع أهل الأرض ببعثه وإرساله. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى جميع أصحابه وآله، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، فإن تقواه عليها المعوَّل. واشكروه على ما أولاكم من الإنعام والخير الكثير وخوّل. وعليكم بما كان عليه السلف الصالح والصدر الأول. وتدبروا ما جاء به نبيكم محمد ﷺ من الحكمة والكتاب المنزل. واعتبروا بمن كان قبلكم ممن علا في الأرض وأمَّل وتمّول. فجاءهم هاذم اللذات وكان الأجل مما أملوه أعجل. وسطا بهم ريب المنون مسرعا، فما توانى فيأخذهم وما أمهل. فاستحال النعيم عذابا، وانعكس القصد وتحول. فاتقوا الله عباد الله وحاسبوا أنفسكم قبل القدوم على الله. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله،” ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ ١. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ﴾ ٢ ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ ٣. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب. فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
١ سورة الإسراء آية: ١٣-١٤-١٥-١٦-١٧.
٢ هذه الكلمة ساقطة من طبعة أم القرى.
١ سورة الحاقة آية: ١٨.
٢ سورة المؤمنون آية: ١٠١.
٣ سورة المؤمنون آية: ١٠٣-١١١.